نزار قباني – أبيات في حب دمشق و الحنين إليها

يقول نزار قباني في قصيدته :

شرح المفردات الصعبة :

  • الرَّاحُ : الخمر
  • مِدْيتكم : السكين الكبيرة

للحصول على مختارات من أشعار المدونة مجمعة في كتاب “المنتقى من أبيات واحة الشعر العربي” مع بعض الإضافات التي اختص بها المرجو الضغط على هذا الرابط

سياق الأبيات :

هاته الأبيات التي بين أيدينا هي مطلع “القصيدة الدمشقية” – و هي من أشهر قصائد الراحل نزار قباني – و التي بث فيها حبه و شوقه و حنينه إلى دمشق بعد أن أبعدته الغربة عنها. تناول نزار قباني في تلك القصيدة أيضا مواضيع الحب و المرأة و الوطن و هي مواضيع لطالما غلبت على قصائده. لما وافته المنية بلندن سنة 1998 دُفن نزار قباني كما أوصى بمسقط رأسه “دمشق الياسمين” كما كان يحب أن يسميها و قد كانت أحب المدن إلى قلبه.

شرح الأبيات :

يستهل نزار قباني هذه الأبيات بذكر دمشق منفردة فقال “هذي دمشق” و في هذا إشارة إلى عظم تلك المدينة و تفردها و عظيم قدرها في نفسه ووجدانه. ثم وصفها بأنها ككأس الخمر فهي مُسكرة مُذهبة لعقل من وقع في حبها و هواها. و في عجز البيت صرح علانية بأنه يحب دمشق حبا عظيما و إن كان يعرف أن حبها معذب له ذباح لقلبه و قد يكون في هذا إشارة لحزنه على فراقه لدمشق جراء غربته.

أما في البيت الثاني فيفخر بنسبته إلى دمشق فيصف نفسه أنه “الدمشقيُّ” كناية على اختلاط روحه بالمدينة. و يبرز قوة هذا الإختلاط بأنه لو شُرِّح جسده فستسيل منه عناقيد و تفاح فكأنما بساتين دمشق و مراعيها تجري في عروقه و تُزهر في روحه.

ويسترسل في ذكر شدة ارتباطه بالمدينة و تاريخها و أهلها، حتى أن شرايينه لو فُتحت بشَفرةٍ كبيرة فسيصدر مع فتحها أصوات أهل دمشق ممن قبضوا و ماتوا. فكأنما قنوات شرايينه هي ذاكرة سمعية لسكان دمشق السابقين فأصواتهم لا تفارق وجدانه. قد يكون في قوله “من راحوا” إشارة أيضا لمن اختفى في ظروف غامضة و مثل تلك الإشارات كثيرة في شعر نزار قباني.

و في البيت الأخير يتعجب من شدة حبه لدمشق و تعلقه بها رغم غربته و بعده عنها. فبعض من أصابه العشق قد يشفى إن زُرع له قلب جديد – و قد يكون القلب الجديد هنا بمعنى وطن أو حبيب جديد – لكن نزار قباني لا شفاء و برء له من حب دمشق حتى و لو باعدت بينه و بينها الأيام، فحبها مستقر ثابت دائم في فؤاده ووجدانه.