يقول أبو الفتح البستي في قصيدته :
من يتق اللهَ يُحْمَد في عواقبه *** و يكفِهِ شرَّ من عزُّوا و من هانوا
من استعان بغير الله في طلبٍ *** فإن ناصِرَهُ عَجْزٌ و خذلان
من كان للخير منَّاعاً فليس له *** على الحقيقة إخوانٌ و أَخْدَان
من جاد بالمال مالَ الناسُ قاطبةً *** إليه و المالُ للإنسان فَتَّانُ
شرح المفردات الصعبة :
- منَّاعاً : كثير المنع
- أَخْدَان : جمع خِدْن و هو الصديق و الصاحب و المعين
- فَتَّانُ : كثير الفَتْنٍ و الصرف عن الفعل الصواب
شرح الأبيات :
يفتتح أبو الفتح البستي أبياته بالحث على التقوى و الإعتصام بالله و تزيين عاقبتهما، فمن اتقى الله كانت عاقبته إلى خير – و إن تعرض في هذه الحياة الدنيا إلى محن و ابتلاءات – و من كان الله عونه و سنده كفاه شر الخلق كلهم قويهم و ضعيفهم، عزيزهم و ذليلهم.
ثم يبين في البيت الثاني أن من يستعين بغير الله من الخَلْقِ في طلب حاجته فإنه على الحقيقة إنما يستعين بالعجز و الخذلان. ذلك أن الخلق مهما علا شأنهم في هذه الدنيا فهم يعجزون عن تحقيق معظم أماني المستعين بهم، و حتى و إن قدروا على بعضها فهم في الغالب يخذلونه في تلبيتها، فسبحان الملك العزيز الذي قال في فاتحة الكتاب “إياك نعبد و إياك نستعين”. هذا و قد فصل العلماء و ألفوا كثيرا في باب الإستعانة و استفاضوا فيه و من أشهر تلك المؤلفات كتاب “مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد و إياك نستعين” للإمام ابن القيم رحمه الله.
و في البيت الثالث يذُمُّ أهل البخل و ما يجره عليهم ذلك من نفور الناس و خذلانهم، فمن كان ذا سعة و بخل بما عنده من الخير فإن الناس يخْتَبِؤون له ذلك حتى إذا احتاج عونهم و مددهم ساعة الضيق خذلوه كناية به و جزاءا له على بخله. و هذا المعنى يشبه إلى حد بعيد قول زهير بن أبي سلمى : و من يكُ ذا فضل فيبخل بفضله *** على قومه يُستَغن عنه و يُذمَم
ثم في البيت الأخير يمدح خُلُق الكرم و فعله في النفوس فمن كان جوادا كريما صادقا في ذلك مال الناس بطبعهم إليه لأن الإنسان مفتون بالمال بفطرته مجبول على حبه و حب من أعطاه منه، و قد ذكر أبو الفتح البستي هذا المعنى بشكل جميل في أبيات أخرى لما قال : أَحسِنْ إلى الناس تستعْبِد قلوبهم *** فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ
لمطالعة المزيد من أبيات أبي الفتح البستي، المرجو الضغط هنا
روابط الأبيات على مواقع التواصل الإجتماعي :