يقول لبيد بن ربيعة في قصيدته :
و ما الناسُ إلا كالديارِ و أهْلِها *** بها يومَ حَلُّوها و غَدْواً بَلاقِعُ
و ما المرءُ إلا كالشِّهابِ و ضوئِه *** يَحورُ رماداً بعد إذ هو ساطع
و ما البِرُّ إلا مُضْمَراتٌ مِنَ التُّقى *** و ما المالُ إلا مُعْمَراتٌ وَدائع
و ما المالُ و الأهلونَ إلا وديعةٌ *** و لا بُدَّ يوماً أن تُردَّ الودائع
شرح المفردات الصعبة :
- بَلاقِعُ : جمع بَلْقَع و هو ما كان فارغا خاليا من كل شيء
- يَحورُ : يرجع
- مُضْمَراتٌ : جمع مُضْمَرة و هو ما كان مستورا مخفيا
للحصول على مختارات من أشعار المدونة مجمعة في كتاب “المنتقى من أبيات واحة الشعر العربي” مع بعض الإضافات التي اختص بها المرجو الضغط على هذا الرابط
شرح الأبيات :
يشبه لبيد بن ربيعة حال الناس في هذه الدنيا بحال الديار التي تكون عامرة فخمة نظيفة إبان مقامِ أهلها فيها؛ لكن متى غادروها بلا رجعة صارت خالية مقفرة موحشة. و كذلك حال الإنسان في هذه الدنيا، فهو في حياته دائم الإعتناء ببدنه و دائم السعي في كسب المال و تحصيل مراداته؛ لكنه متى قبض و غادرت الروح جسده، أكل الدود بدنه ثم لا يلبث أن ينسى و ينقطع ذِكرُه.
و في البيت الثاني يضرب تشبيها جميلا لقصر مقام الإنسان في هذه الحياة، فجعله في شبابه و ريعانه كالشهاب تراه ساطعا منيرا في السماء لكن ما يلبث أن يخفت نوره و يصير رمادا و تلك كناية عن الهرم و بعده الموت. إن هذه الحياة قصيرة سريعة الزوال فلا يليق بالمرء أن يركن إليها.
أما في البيت الثالت فيصف حقيقة البر على أنه ما أضمره الإنسان و أخفاه في فؤاده من التقوى و خشية الله، فليس للأعمال الظاهرة قيمة إن كان القلب فارغا خاليا من تقوى الله و تعظيمه. و في عجز البيت يصف المال أنه على الحقيقة ليس سوى وديعة لأجل فلا يحسبن أحد أن ماله سيخلده.
و في البيت الأخير لخص حقيقة الحياة الدنيا لمَّا وصف المال و العشيرة بأنها مجرد ودائع و لا بد أن ترد الودائع حين يحين أجلها. إن من أحببته فلا بد أنك يوما تفارقه بموتك أو موته، و إن ما ملكته من مال لا بد يوما أن يورث من بعدك.