يقول مجنون ليلى في قصيدته :
و إنِّي لأستَغشي و ما بيَ نَعسَةٌ *** لعلَّ خيالاً منكِ يَلقى خياليا
هي السحرُ إلا أنَّ للسحر رُقيةَ *** و إنِّيَ لا أُلفي لها الدهر راقيا
إذا نحن أدْلَجنا و أنتِ أمامنا *** كفا لمطايانا بِذكراكِ هاديا
ذَكَت نارُ شوقي في فُؤادي فأصبحت *** لها وَهجٌ مُستَضرَمٌ في فؤاديا
شرح المفردات الصعبة :
- أستَغشي : أتغطى محاولا أن أنام
- أدْلَجنا : سرنا ليلا
- مطايانا : ما يُمتطى من الدواب
- ذَكَت : اشتدت و تسعرت
- وَهجٌ مُستَضرَمٌ : اتقاد النار و شدة اشتعالها
شرح الأبيات :
يصف قيس بن الملوح المشهور بمجنون ليلى إلى أي حد بلغ به العشق في فؤاده حتى أنه يتدثر و يتغطى طلبا للنوم و ليس به نعاس، لكنه يرجو بنومته أن يرى ليلى في منامه و يلتقيها لشدة عشقه و شوقه إليها. قيس بن الملوح يصرح أن عشق ليلى صار يعزله عن حياته اليومية حتى صار يفضل النوم و الخيالات إن كان فيها لقاء محبوبته فلا عجب ان اشتهر بلقبه “مجنون ليلى”.
و في البيت الثاني يبث آساه على معاناته فهو يقر أن حبه إياها له مفعول السحر في قلبه، لكن لحظه العاثر فإن السحر قد يشفى منه بالرقية أما عشق ليلى فلا يجد له شفاءا و لو لبث يعالجه الدهر كله. مجنون ليلى يستسلم لما أصابه أذا لا يرى منه بُرْءا و لا شفاءا.
ثم يصور تصويرا لطيفا في البيت الثالث فيقول أنه إذا ركب الدواب مع أصحابه بالليل – و الليل مَظنَّةُ التيه – قاصدين المكان الذي تقيم فيه ليلى فإن دوابهم لا تحتاج إشارات و علامات بل يكفي أن تسمع حديثهم عن محبوبته حتى تعرف مكانها و تقصده. قيس بن الملوح يبين أن حبه ليلى تفشى في دوابه و دواب أصحابه فصاروا يحبونها و يعرفون مكانها حتى لو ساروا في ظلمة الليل.
و في البيت الأخير يبين ألمه و معاناته بسبب شوقه لليلى، فشوقه إليها عظيم شديد حتى صوره بالنار المتوهجة المضطرمة، و حتى أن من لقي قيسا يكادُ يبصر وهج نار الشوق تلك خلف اللحم و العظم و الثياب لشدتها و حر لهيبها.