يقول أبو الفتح البُستي في قصيدته :
أَحسِنْ إلى الناس تستعْبِد قلوبهم *** فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ
و إن أساء مُسيءٌ فليكن لك في *** عُروضِ زَلَّته صفح و إحسان
و كن على الدهر مِعْوانا لذي أمل *** يرجو نَدَاك فإن الحُرَّ مِعْوَان
و اشدد يديك بحبل الله معتصما *** فإنه الرُّكنُ إن خانتك أركان
شرح المفردات الصعبة :
- عُروضِ زَلَّته : وقوعها و حدوثها
- مِعْوانا : كثير المساعدة و مد اليد للمحتاج
- ذي أمل : من يرجو عونك و مساعدتك
- نَدَاك : الجود و البذل و الكرم
شرح الأبيات :
يفتتح أبو الفتح هذه الأبيات بهذا البيت الرائع حيث ضرب مثالا جميلا لفعل الإحسان في النفوس فيجعلها ممتنة شاكرة للمنعم عليها كما لو صارت عبدا له، فالنفوس الكريمة تقدر الإحسان و تجله و تحفظ صنيع المعروف لمن أحسن إليها. أبو الفتح هنا يبين أن القوة الحقيقية هي القدرة على التأثير في القلوب و ليس أقوى من الإحسان في ذلك. هذا المعنى يشبه بيت الإمام الشافعي : تَسَتَّرْ بالسخاء فكل عيب *** يغطيه كما قيل السخاء
و في البيت الثاني يضيف معنى آخر من معاني مكارم الاخلاق و هو خلق الصفح و الحلم و العفو فمن أساء لك فالتمس له العذر لزلته و قابلها بصفح و ان استطعت فاجعل مع ذلك الصفح إحسانا لمن أساء إليك و هذا منتهى الرقي و النبل.
و في البيت الثالث يدعو أبو الفتح إلى مد يد العون للمحتاج الذي يرجو المساعدة فالرجل الحر الأبي يحب أن يعين أخاه على نوائب الدهر و ذلك من علامات الشهامة و الرجولة.
ثم يختم هذه الأبيات بأهم نصيحة و هي الاعتصام بحبل الله المتين فإن الدنيا لها تقلباتها و انتكاساتها و قد يخيب ظنك في من كنت ترجو عونه و مدده لكن الله هو القوي العزيز الحي الذي لا يموت و إليه الملتجأ و الرجاء في كل حين.
روابط الأبيات على مواقع التواصل الإجتماعي :