يقول الإمام الشافعي في قصيدته :
وعينُ الرضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ *** و لكنَّ عين السخط تُبدي المساوِيا
و لست بهيَّابٍ لمن لا يهابني *** و لست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدنُ مني تدنُ منك مودتي *** و إن تنأ عني تلْقَني عنك نائيا
كلانا غنيٌّ عن أخيه حياتَه *** و نحن إذا متنا أشد تغانيا
شرح المفردات الصعبة :
- كليلةٌ : عاجزة و منصرفة
- المساوِيا : المساوئ و العيوب
- هيَّاب : كثيرُ الهيبة و الخشية
- تغانيا : استغناءاً
شرح الأبيات :
يضرب الإمام الشافعي مقارنة لطيفة بين عين الرضا و عين السخط فحين يرضى الانسان و يحب شيئا معينا فإنه لا يكاد يرى فيه عيبا يذكر (و لو كانت تلك العيوب ظاهرة جلية فعينه عاجزة عن إبصارها لأنه يرى بمنظور الرضا) فلأجل ذلك تكون عين الرضا عن كل عيب كليلة و على النقيض من ذلك فحين يسخط الإنسان على أمر فإنه لا يكاد يرى فيه حسنة أو فضلا بل لا تبصر عينه إلا العيوب و النقائص. فكأنما الإمام الشافعي يشرح لنا أن نظرتنا للأمور تتأثر بشدة بمشاعرنا تجاهها.
ثم في البيت الثاني يشرح معنى مهما من معاني الإباء و عزة النفس فهو لا يهاب من لا يهابه و لا يوقر من لا يوقره و لا يضع الناس في مرتبة فوق التي وضعوه فيها، فعلاقاته مع الناس عادلة متوازنة و عزة النفس عنده مصونة لا تُمْتَهن.
و يستفيض في هذا المعنى في البيت الثالث ويذكر جانبا آخر من العلاقات مع الناس و هو العلاقات القلبية فمن كان محسنا إليه متقربا منه فإن الإمام الشافعي يبادله نفس المحبة و المودة و الترحيب. أما من اختار ان ينأى بنفسه فإنه لن يلقى منه إلا مثل صنيعه و هو النأي والفراق.
ثم يختم هذه الأبيات بمعنى مهم و هو معنى الإستغناء فهو و من جفاه مستغنيان عن بعضهما البعض في هذه الحياة الدنيا فليس يَضيرهما الفراق ثم في الحياة الآخرة استغنائهما عن بعضهما أكبر لأن الآخرة دار حساب و جزاء و ليست دار عمل. فمن أكرمه الله بالرضوان وجنة الخلد فهو في نعيم و استغناء تام.
لمطالعة المزيد من أبيات الإمام الشافعي، المرجو الضغط هنا
روابط الأبيات على مواقع التواصل الإجتماعي :